فصل: ربع الزيتي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 ربع الزيتي

‏:‏ هذا الربع كان بجوار قنطرة الحاجب التي على الخليج الناصري وكان يشتمل على عدّة مساكن ينزلها أهل الخلاعة للقصف فإنه كان يشرف من جهاته الأربع على رياض وبساتين ففي شرقيه غيط الزيتي وقد خرب وموضعه اليوم بركة ماء وفي غربيه غيط الحاجب بيبرس وأدركته عامرًا وهو اليوم مزارع بعدما كانله باب كبير بجانبه حوض ماء للسبيل وعليه سياج من طين دائر به ومن قبلي هذا الربع الخليج وقنطرة الحاجب والجنينة التي بأرض الطبالة ومن بحر به بساتين تتصل بالبعل وكوم الريش وما زال هذا الربع معمورًا باللذات آهلًا بكثرة المسرّات إلى أن كانت سنة الغرقة وهي سنة خمس وخمسين وسبعمائة فخربت دور كوم الريش وغيرها ووصل ماء النيل إلى قنطرة الحاجبن فخرب ربع الزيتي وأُهمل أمره حتى صار كومًا عظيمًا تجاه قنطرة الحاجب وغيط الحاجب وسمعت من أدركته يخبر عن هذا الربع بعجائب من الملاد التي كانت فيه وكانت العامة تقول في هزلها‏:‏ ستي أين كنتي وأين رحتي وأين جيتي قالت مع ربع الزيتي‏:‏ ثمّ انقضتْ تلكَ السنونُ وأَهلها فكأنها وكأنَّهم أحلامُ الدار التي في أول البرقية من القاهرة التي حيطانها حجارة بيض منحوتة‏:‏ هذا الدار بقي منها جدار على يمين من سلك من المشهد الحسينيّ يريد باب البرقية وبقي منها أيضًا جدار على يمين سلك من رحبة الأيدي مريّ إلى باب البرقية وهي دار الأمير صبيح بن شاهنشاه أحد أمراء الدولة الفاطمية في أيام الصالح طلائع بن رزيك وكانت في غاية الكبر والتحسين‏.‏

قال بعض أصحاب الصالح‏:‏ يا مولانا أبقاك الله حتى تتم دار ابن شاهنشاه وكان الضرغام قبل أني لي وزارة مصر قد فرّس العادل أبا شجاع رزيك بن الصالح طلائع بن رزيك فظهر منه فارسًا في غاية الفروسية بحثي أنه قد حضر في يوم عيد الحلقة وأخذ رمحًا وحربة وقوسًا وسهمًا فأخذ الحلقة بالرمح ورمى بالسهم فأصاب الغرض وحذف بالحربة فأثبتها في المرمى ولعب بالرحم في غاية الحسن‏.‏

ثم دخل صبيح ابن شاهنشاه فعمل مثل ذلك فتحرّك الضرغام وكان يلبس عمامة بعذبة وأكمال واسعة على زيّ المصريين يومئذ فتلثم بعذبته ولف أكمامه وأخذ رمحه ولعب به في غاية الحسن وطرد كذلك ودخل في الحلقة وأخذها فعجب منه كل من في العسكر فأخذ عند ذلك الأمير صبيح ابن شاهنشاه المبخرة وأتى إليه وقال‏:‏ يا مولاي كفاك الله أمر العين فإن هذا شيء ما يقدر عليه أحد وجعل يدور حول فرسه ويبخره والضرغام يتبسم ويعجبه ذلك وبعد ذا كان قتل ابن شاهنشاه على يده في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ولم تكمل هذه الدار‏.‏

دار ألتمر‏:‏ هذه الدار بمدينة مصر من خارجها فيما انحسر عنه ماء النيل بعد الخمسمائة من سني الهجرة وتعرف اليوم بصناعة ألتمر تجاه الصاغة بخط سوق المعاريج ومن جملتها بيت برهان الدين إبراهيم الحليّ ومدرسه وهذه الدار وقفها القاضي عبد الرحيم بن عليّ البيسانيّ على فكك الأسرى من المسلمين ببلاد الفرنج‏.‏

قال القاضي محي الدين عبد الله بن عبد الظاهر في كتاب الدر النظيم في أوصاف القاضي الفاضل عبد الرحيم‏:‏ ومن جملة بنائه دار التمر بمصر المحروسة ولها دخل عظيم يُجمع ويُشترى به الأسرى من بلاد الفرنج وذلك مستمرّ إلى هذا الوقت وفي كل وقت يحضر بالأساري فيلبسون ويطوفون ويدعون له وسمعتهم مرارًا يقولون‏:‏ يا الله يا رحمن يا رحيم ارحم القاضي الفاضل عبد الرحيم‏.‏

وقال القاضي جمال الدين بن شيث‏:‏ كان للقاضي الفاضل ربع عظيم يؤجره بمبلغ كبير فلما عزم على الحج ركب ومرّ به ووقف عليه وقال‏:‏ اللهم إنك تعلم أن هذا الخان ليس شيء أحب إليّ منه أو قال أعز عليّ منه اللهم فاشهد أني وقفته على فكاك الأسرى من بلاد الفرنج‏.‏

وقال ابن المتوجّ‏:‏ ومن جملة الأوقاف الوقف الفاضلي وهو الدار المشهورة بصناعة التمر الوقف على فكاك الأسرى من يد العدوّ المشتملة على مخازن وأخصاص وشون ومنازل علوية وحوانيت بمجازها وظاهرها وهي اثنا عشر حانوتًا وخمسة مقاعد وثمانية وخمسون مخزنًا وخمسة عشر خصًا وست قاعات وساحة وست شون وخمسة وسبعون منزلًا وخمسة مقاعد علوية الأجرة عن ذلك جميعه إلى آخر شعبان سنة تسع وثمانين وستمائة في كل شهر ألف ومائة وست وثلاثون درهمًا نقرة واستجدّ بها القاضي جمال الدين الوجيزي خليفة الحكم بمصر حين كان ينظر في الأوقاف دارًا من ريع الوقف فأكلها البحر فأمر ببناء زربية أمامها من مال الوقف‏.‏

عمارة أمّ السلطان‏:‏ هذه العمارة من جملة المنحر كانت دارًا تعرف بالأمير جمال الدين ايدغدي العزيزيّ ولها باب من الدرب الأصفر الذي هو الآن تجاه خانقاه بيبرس وباب من المحايريين تجاه الجامع الأقمر‏.‏

عرفت هذه الدار بالأمير مظفر الدين موسى الصالح علي ابن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي ثم خربت فأنسأتها خوند أم الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون وجعلت منها قيساوية بخط الركن المخلق يباع بها الجلود ويعلوها ربع جليل لسكن العامّة يشتمل على عدّة طباق ووقفت ذلك على مدرستها بخط التبانة خارج باب زويلة فلم تزل جارية في وقفها إلى أن اغتصبها الوزير الأمير جمال الدين يوسف الأستادار فيما أخذ من الأوقاف وجعلها وقفًا على مدرسته بخط رحبة باب العيد من القاهرة وجعلت خوندبركة من جملة هذه الدار قاعة لم يعمر فيها سوى بوابتها لا غير وهي أهلّ بوّابت الدور وقد دخلت أيضًا فيما أخذه جمال الدين وصارت بيد مباشري مدرسته إلى أن أخذها السلطان الملك الأشرف أبو العزيز برسباي الدقماقي الظاهريّ وابتدأ بعملها وكالة في شوّال سنة خمس وعشرين وثمانمائة فكملت في رجب سنة ست وعشرين وغيّر من الطراز المنقوش في الحجارة بجانبي باب الدخول اسم شعبان بن حسين وكتب برسباي فجاءت من أحسن المباني ويعلوها طباق للسكنى ولم يسخر في عمارتها أحد من الناس كما أحدثه ولاة السوء في عمائرهم بل كان العمال من البنايين والفعلة ونحوهم يوفون أجورهم من غير عنف ولا عسف فإنه كان القائم على عمارتها القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل ناظر الجيش وهذه عادته في أعماله أن لا يكلف فيها العمال غير طاقتهم ويدفع إليهم أجورهم والله أعلم‏.‏

ذكر الحمامات قال ابن سيده‏:‏ الحمّام والحميم والحميمة جميعًا الماء الحار والحميمة أيضًا المخض إذا سخن وقد أحمّه وحمّه وكلّما سخن فقد حمّ‏.‏

قال ابن الأعرابي‏:‏ والحمائم جمع الحميم الذي هو الماء الجار وهذا خطأ لأن فعيلًا لا يجمع على فعائل وإنما هو جمع الحميمة الذي هو الماء الحار لغة في الحميم مذكر وهو أحد ما جاء من الأسماء على فعال نحو القذاف والجبان والجمع حمّامات‏.‏

قال سيبويه‏:‏ جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكرًا حيث لم يُكسر جعلوا ذلك عوضًا من التكسير‏.‏

والاستحمام الاغتسال بالماء الحار وقيل هو الاغتسال بأيّ ماء كان والحميم العرق واستحمّ الرجل عرق‏.‏

وأمّا قولهم لداخل الحمام إذا خرج طاب حميمك فقد يعني به العرق أي طاب عرقك وإذا دعي له بطبيب العرق فقد دعي له بالصحة لأنّ الصحيح يطيب عرقه‏.‏

وروي عن سفيان الثوري أنه قال‏:‏ ما درهم ينفقه المؤمن هو فيه أعظم أجرًا من درهم صاحب حمّام ليخليه له وقال محمد بن إسحاق في كتاب المبتدىء‏:‏ إنّ أوّل من اتخذ الحمامات والطلاء بالنورة سليمان بن داود عليهما السلام وأنه لما دخل ووجد حميمة قال‏:‏ اوّاه من عذاب الله أوّاه‏.‏

وذكر المسبحيّ في تاريخه‏:‏ أنّ العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله أوّل من بنى الحمامات بالقاهرة وذكر الشريف أسعد الجوّاني عن القاضي القضاعي أنه كان في مصر الفسطاط ألف ومائة وسبعون حمامًا‏.‏

وقال ابن المتوّج أن عدّة حمامات مصر في زمنه بضع وسبعون حمامًا‏.‏

وذكر ابن عبد الظاهر أن عدّة حمامات القاهرة إلى آخر سنة خمس وثمانين وستمائة تقرّب من ثمانين حمامًا وأقل ما كانت الحمامات ببغداد في أيام الخليفة الناصر أحمد بن المستنصر نحو الألف حمام‏.‏

حمّامي السيدة العمة قال ابن عبد الظاهر‏:‏ حمّامي الكافي يُعرفان بحمامي السيدة العمة وانتقلتا إلى الكامل بن شاور ثم إلى ورثة الشريف ابن ثعلب وهما الآن بأيديهم ولا تدور إلاّ الواحدة وهاتان الحمامان كانتا على يُمنة من يدخل من أول حارة الروم تجاه ربع الحاجب لؤلؤ المعروف الآن بربع الزياتين علو الفندق الذي باب بسوق الشوّايين وكانت إحداهما برسم الرجال والأخرى برسم النساء وقد خربتا ولم يبق لهما أثر البتة‏.‏

حمام الساباط قال ابن عبد الظاهر‏:‏ كان في القصر الصغير باب يعرف بباب الساباط كان الخليفة في العيد يخرج منه إلى الميدان وهو الخرشتف الآن إلى المنحر لينحر فيه الضحايا‏.‏

قلت حمام الساباط هذا يعرّف في زماننا بحمّام المارستان المنصوري وهو برسم دخول النساء عند باب سرّ المارستان المنصوري وهذا الحمّام هو حمّام القصر الصغير الغربي ويُعرف أيضًا بحمّام الصنيمة فلما زالت دولة الخلفاء الفاطميين من القاهرة باعها القاضي مؤيد الدين أبو المنصور محمد بن المنذر بن محمد العدل الأنصاريّ الشافعيّ وكيل بيت المال في أيام الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف بن أيوب للأمير عز الدين أيبك العزيزيّ هي وساحات تحاذيها بألف ومائتي دينار في ذي الحجة سنة تسعين وخمسمائة ثم باعها الأمير عز الدين أيبك للشيخ أمين الدين قيمار بن عبد الله الحمويّ التاجر بألف وستمائة دينار فورثها من بعده من استحق إرثه ثم اشترى من الورثة نصفها الأمير الفارس صارم الدين خطلبا الكاملي العادلي في سنة سبع وثلاثين وستمائة وانتقلت أيضًا منها حصة إلى مُلك الأمير علاء الدين ايدكين البندقداري الصالحي النجمي استادار الملك الظاهر بيبرس في سنة ثمان وسبعين وستمائة فلما تملك الملك المنصور قلاوون الألفي وانشأ المارستان الكبير المنصوري صارت فيما هو موقوف عليه وهي الآن في أوقاف ولها شهرة في حمامات القاهرة‏.‏

حمام لؤلؤ‏:‏ هذه الحمام برأس رحبة الأيد مرى ملاصقة لدار السناني أنشأها الأمير حسام الدين لؤلؤ الحاجب في أيام‏.‏

‏.‏

‏.‏

حمام الصنيمة هذه الحمّام كانت بالقرب من خزانة البنود على يُسرة من سلك في رحبة باب العيد إلى قصر الشوك وقد خربت وعُمل في موضعها مبيضة للغزل بالقرب من الجمالية‏.‏

حمام تتر‏:‏ هذه الحمام كانت بخط دار الوزارة الكبرى وقد خربت وصار مكانها دارًا عُرفت بالأمير الشيخ علي وهي الدار المجاورة للمدرسة النابلسية في الزّقاق المقابل للخانقاه الصلاحية سعيد السعداء‏.‏

وتتر هذا‏:‏ بتائين مفتوحتين كل منهما بنقطتين من فوق أحد مماليك أسد الدين شيركوه عمّ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب استولى على هذه الحمّام وكانت معدّة لدار الوزارة في مدّة الدولة الفاطمية فعرفت به وما حولها وإلى الآن يعرف ذلك الخط بخط خرائب تتر والعامّة تقول خرائب التتر بالتعريف وهو خطأ‏.‏

حمام كرجي هذه الحمّام كانت بخط خرائب تتر أيضًا في جوار المدرسة النابلسية تجاه باب الخانقاه الصلاحية عرفت بالأمير علم الدين كرجي الأسديّ أحد الأمراء الأسدية في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وقد خربت هذه الحمّام وبني في مكانها هذا البناء الذي تجاه باب الخانقاه بأوّل الزّقاق‏.‏

حكام كتيلة هذه الحمّام كانت داخل باب الخوخة برأس سويقة الصاحب عرفت أخيرًا بالأمير صارم الدين ساروج شادّ الدواوين ثم خربت في أيام‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

ومكانها الآن مسمط يذبح فيه الغنم وتسمط‏.‏

حمّام ابن أبي الدم‏:‏ هذه الحمام كانت فيما بين سويقة المسعودي وباب الخوخة أنشأها ابن أبي الدم اليهودي أحد كتاب الإنشاء في أيام الخليفة الحاكم وتولى ابن خيران الديوان ونقل عنه أنه وسع بين السطور في كتاب كتبه إلى الخليفة وهذه مكاتبة الأعلى إلى الأدنى فلما حضر وأنكر عليه ألحَقَ بين السطر والسطر سطرًا مناسبًا للفظ والمعنى من غير أن يظهر ذلك فعفا عنه‏.‏

وقد خربت وصار مكانها دربًا فيه دور يعرف بسكن القاضي بدر الدين حسن البرديني أحد خلفاء الحاكم العزيزي الشافعيّ وأدركت بعض آثار هذه الحمام‏.‏

حمام الحصينية‏:‏ هذه الحمام كانت في سويقة الصاحب من داخل درب الحصينية الذي يعرف اليوم بدرب ابن عرب وقد خربت‏.‏

حمام الذهب هذه الحمّام كانت بدار الذهب أحد مناظر الخلفاء الفاطميين التي ذكرت في المناظر من هذا الكتاب وقد خربت هذه الحمام ولم يبق لها أثر‏.‏

هذه الحمّام كانت بخط سويقة المسعودي من حارة زويلة أنشأها أبو سعيد بن قرقة الحكيم متولي الاستعمالات بدار الديباج وخزائن السلاح في الدولة الفاطمية بجوار داره التي تقدّمت في الدور من هذا الكتاب ثم عرفت هذه الحمّام في الدولة الأيوبية بالأمير صارم الدين المسعودي وإلى القاهرة المنسوب إليه سويقة المسعودي المذكورة في الأسواق من هذا الكتاب ثم خربت هذه الحمّام وعُمِل في موضعها فندق عرف أخيرًا بفندق عمار الحمّامي بجوار جامع ابن المغربي من جانبه الغربيّ وأُخذت بئر هذه الحمّام فعُملت للحمام التي تعرف اليوم بحمّام السلطان‏.‏

حمّام السلطان هذه الحمّام يتوصل إليها الآن من سويقة المسعودي ومن قنطرة الموسكي وهي من الحمّامات القديمة عُرفت في الدولة الفاطمية بحمّام الأوحد ثم عرفت في الدولة الأيوبية بحمّام ابن يحيى وهو القاضي المفضل هبة الله بن يحيى العدل ثم عرفت بحمّام الطيبرسي ثم هي الآن تُعرف بحمّام السلطان‏.‏

حمّام خوند هذه الحمّام بجوار رحبة خوند المذكورة في الرحاب من هذا الكتاب وكانت برسم الدار التي تعرف الآن بدار خونداردتكين ثم أفردت وصارت إلى الآن حمّامًا يدخله عامة الرجال في أوائل النهاء ثم تعقبم النساء من بعد إلى أن هدمها الأمير صلاح الدين محدد استادار السلطان ابن الأمير الوزير الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله في شهر رجب سنة أربع وعشرين وثمانمائة وعمل موضعها من جملة داره التي هناك‏.‏

حمّام ابن عبود هذه الحمّام موضعها فيما بين اصطبل الجميزة المذكورة في اصطبلات الخلفاء من هذا الكتاب وبين رأس حارة زويلة وهي من الحمامات القديمة عُفت بحمّام الفلك وهو القاضي فلك الملك العادل ثم عرفت بالأمير عليّ بن أبي الفوارس ثم عرفت بابن عبود وهو الشيخ نجم الدين أبو عليّ الحسين بن محمد بن إسماعيل بن عبود القرشيّ الصوفيّ مات في يوم الجمعة ثالث عشري شوال سنة اثنين وعشرين وسبعمائة بعدما عظم قدره ونفذ في أرباب الدولة نهيه وأمره وهو صاحب الزاوية المعروفة بزاوية ابن عبود بلحف الحبل قريبًا من الدينوريّ من القرافة فانظرها في الزوايا من هذا الكتاب ولم تزل هذه الحمام جارية في أوقات التربة المذكورة إلى أن تسلّط الأمير جمال الدين على أموال أهل مصر فاغتصب ابن أخته الأمير شهاب الدين أحمد المعروف بسيدي أحمد ابن أخت جمال الدين هذه الحمام واغتصب دار ابن فضل الله التي تجاه هذه الحمام واغتصب دارًا أخر بجوارها وعمر هناك دارًا عظيمة كما قد ذكر في الدور من هذا الكتاب‏.‏

حمّام الصاحب هذه الحمام بسويقة الصاحب عرفت بالصاحب الوزير صفيّ الدين عبد الله بن شاكر الدمري صاحب المدرسة الصاحبية التي بسويقة الصاحب ثم تعطلت مدّة سنين فلما ولي الأمير تاج الدين الشوبكي ولاية القاهرة في أيام الملك المؤيد شيخ جدّدها وأدار بها الماء سنة سبع عشرة وثمانمائة‏.‏

حمّام السلطان هذه الحمّام كان موضعها قديمًا من جملة دار الديباج وهي الآن بخط بين العواميد من البندقانيين بجوار خوخة سوق الجوار ومدرسة سيف الإسلام أنشأها الأمير فخر الدين عثمان ابن قزل استادار السلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب وتنقلت إلى أن صارت في أوقات الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

حمّاما طغريك هاتان الحمامان بجوار فندق فخر الدين الخروقيين الذي يُعرف اليوم بسوق الفرّايين عُرفت بالأمير الفارس همام الدين أبو سعيد برغش السوباشي واسمه عمرو بن كحت بن شيرك العزيزي والي القاهرة‏.‏

حمام عجينة هذه الحمام كانت بخط الأكفانيين أنشأها الأمير فخر الدين أخو الأمير عز الدين موسك في الدولة الأيوبية وتنقلت حتى صارت بيد أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ مما أوقف عليهم وعُرفت أخيرًا بحمام عجينة ثم خربت بعد سنة أربعين وسبعمائة وموضعها الآن خربة بجوار الفندق الكبير المعدّ لديوان المواريث‏.‏

حمّام دري هذه الحمَّام كانت بخط الأكفانيين الآن عرفت بشهاب الدولة دري الصغير غلام المظفر ابن أمير الجيوش‏.‏

قال الشريف محمد بن أسعد الجواني في كتاب النقط لمعجم ما أشكل من الخطط‏.‏

شهاب الدولة دري المعروف بالصغير المظفري غلام المظفر أمير الجيوش كان أرمنيًا وأسلم وكان من المشددين في مذهب الإمامية وقرأ الجمل في النحو للزجاجيّ وكتاب اللمع لابن جني وكانت له خرائط من القطن الأبيض في يديه ورجليه وكان يتولى خزائن الكسوة و يدخل على بسط السلطان ولا بسط الخليفة الحافظ لدين الله ولا يدخل مجلسه إلا بتلك الخرائط في رجليه ولا يأخذ من أحد شيئًا إلاّ وفي يديه خريطة يظنّ أنَّ كل من لمسه نجَّسه وسوسة منه فإذا اتفق أنه صافح أحد المومس رقعة بيده من غير خريطة لا يمس ثوبه بها أبدًا حتى يغسلها فإن لمس ثوبه بها غسل الثوب وكان الاستاذون المحنكون يرمون له في بساط الخليفة الحافظ العنب فإذا مشى عليه وانفجر ووصل ماؤه إلى رجليه سبهم وحرد فيعجب الخليفة من ذلك ويضحك ولا يؤاخذه بما صدر منه ومات بعد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وقد خربتهذه الحمام ولم يبق لها أثر يعرف‏.‏

حمّام الرصاصي هذه الحمّام كانت بحارة الديلم أنشأها الأمير سيف الدين حسن بن أبي الهيجاء المروانيّ حامل السيف المنصور وأوقفها هي وجميع الآدر المجاورة لها على أولاده وذريته فلما زالت الدولة الفاطمية عُرفت بالأمير عز الدين أيبك الرصاصي ولم تزل باقية إلى بعد سنة أربعين حمام الجيوشي‏:‏ هذه الحمام كانت بحارة برجوان على يُمنة من دخل من رأي الحارة وكانت من حقوق دار المظفر ابن أمير الجيوش ثم صارت بعد زوال الدولة الفاطمية من جملة ما أوقفه الملك العادل أبو بكر ابن أيوب على رباطه الذي كان بخط النخالين من فسطاط مصر ثم وضع بنو الكويك أصهار قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة أيديهم عليها في جملة ما وضعوا أيديهم عليه من الأوقاف بحارة ابن جماعة وانتفعوا بريعها مدّة سنين ثم خربوها بعد سنة أربعين وسبعمائة وموضعها الآن بجوار دار قاضي القضاة شمس الدين محمد الطرابلسي وبعضها داخل في الدار المذكورة وبئرها بجوار القبو الذي يسلك من تحته إلى حمّام الرومي داخل حارة برجوان ويعلو هذا العقد حاصل الماء الذي للحمام ويمرّ على مجراه من حجرة مركّبة على جدار بجوار القبر إلى الحمام المذكور وآثار هذا الجدار باقية إلى اليوم وكان قد استأجر هذه البئر والقبور بعد تعطل الحمّام القاضي أبو الفداء تاج الدين إسماعيل بن أحمد بن الخطباء المخزوميّ من مباشري أوقاف رباط العادل وبُني على البئر وبجوارها دارًا سكنها مدّة أعوام وأنشأ بابًا على حاصل الماء المركب على القبور مشرفًا عاليًا تأنّق في ترخيمه ودهانه وكتب بدائرة‏:‏ مشترفٌ كم شبهوه الأدبا لحسنه إذ جاء شيئًا عجبا وشاعرٌ أعجبه ترخيمه فقال تلك روضةٌ فوق الربا وقائلٌ ماذا ترى تشبيهه فقلت هذا منبر ابن الخطبا ثم خربت هذه الدار بعد موت ابن الخطباء واحترقت في سنة تسع وثمانمائة وآثارها باقية ومازال ابن الخطباء يدفع حكر هذه البئر وهذا القبو لجهة الرباط العادلي حتى خرب وعفى أثره وجهل مكانه وقد رأيته في سنة أربع وتسعين وسبعمائة عامرًا‏.‏

حمّام الرومي‏:‏ هذه الحمّام بجوار حارة برجوان عرفت بالأمير سنقر الرومي الصالحيّ أحد الأمراء في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ أنشأها بجوار اسطبله الذي يُعرف اليوم ابن الكويك وذلك تجاه رحبة داره التي عرفت بدار مازان ووقف هذه الدار والإسطبل والحمّام المذكورة في سنة اثنين وستين وستمائة فأما الدار فإنها صارت أخيرًا بيد رجل من عامة الناس يعرف بعيسى البناء فباعها انقاضًا بعدما خرّبها في سنة سبع وثمانمائة لرجل من المباشرين فهدمها ليعمرها عمارة جليلة فلم يمهل وعاجله القضاء فمات وصارت خربة فابتاعها بعض الناس من ورثة المذكور وشرع في عمارة شيء منها وأما الإصطبل والحمّام فوضع بنو الكويك أيديهم عليهما مدّة أعوام حتى صارا ملكًا لهم يورثان وهما الآن بيد شرف الدين محمد بن محمد بن الكويك وقد جعل ما يخصه من الحمّام وقفًا على نفسه ثم على اناس من بعده وفي هذه الحمام حصة أيضًا وقفها شيخنا برهان الدين إبراهيم الشامي الضرير على أمته وهي بيدها‏.‏

سنقر الرومي‏:‏ الصالحيّ النجميّ أحد مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب البحرية ترقى عنده في الخدم حتى صار جامدار وكان من خوشداشية بيبرس البندقداريّ وأصدقائه فلما قتل الفارس أقطاي في أيام الملك المعز أيبك التركماني وخرج البحرية من القاهرة إلى بلاد الشام كان سنقر ممن خرج ورافق بيبر وارتفق بصحبته ونال منه مالًا وثيابًا وغير ذلك وتنقل معهم في الكرك إلى أن كان من أمره في الصيد مع صاحب الكرك فطلب سنقر من بيبرس شيئًا فلم يجبه وامتنع من إعطائه فحنق وفارقه إلى مصر فأقام بها ثم أن بيبرس قدم إلى مصر بعد ذلك وقد صار أميرًا فلم يعبأ سنقر به ولا قدّم إليه شيئًا كعادة الخواشداشية فلما صار الأمر إلى بيبرس وملك بعد قطز قدّم سنقر وأعطاه الإقطاعات الجليلة ونوّه بقدره فلم يرض فصار إذا ورد عليه الإنعام السلطانيّ لا يأخذه بقبول ويخلو كل وقت بجماعة بعد جماعة ويفرّق فيهم المال فيبلغ ذلك السلطان ويغضي عنه وربما بعث إليه وحذره مع الأمير قلاوون وغيره فلم ينته ثم أنه قتل مملوكين من مماليكه بغير ذنب فعزّ قتلهما على السلطان فطلبه في رابع عشري ذي الحجة سنة ثلاث وستين وستمائة واعتقله فقال أريد أعرف ذنبي فبعث إليه السلطان يعدّ ذنوبه‏.‏

فتحسر وقال‏:‏ أوّاه لو كنت حاضرًا قتل الملك المظفر قطز حتى أعاند في الذي جرى وكان كثيرًا ما يقول ذلك وبلغ هذا القول السلطان في حال أمرته فقال‏:‏ أنت أخي وتتحسر كونك ما قدرت أن تعين عليّ‏.‏

حمّاما سويد‏:‏ هاتان الحمامان بآخر سويقة أمير الجيوس عرفتا بالأمير عز الدين معالي بن سويد وقد خربت إحداهما ويقال أنها غارت في الأرض وهلك فيها جماعة وبقيت الأخرى وهي الآن بيد الخليفة أبى الفضل العباسيّ بن محمد المتوكل‏.‏

حمام طلغق‏:‏ خذخ الحمام بجوار درب المنصوري من خط حارة الصالحية صارت أخيرًا بيد ورثة الأمير قطلوبغا النصوريّ حاجب الحجاب في ايام الملك الأشرف شعبان بن حسين وكانت معدّة لدخول الرجال ثم تعطلت بعد سنة تسعين وسبعمائة وأخذ حاصلها وعهدي بها بعد سنة ثمانمائة اطلالًا واهية‏.‏

حمّام ابن علكان‏:‏ هذه الحمّام كانت بحارة الجودرية أنشأها الأمير شجاع الدين عثمان بن علكان صهر الأمير الكبير فخر الدين عثمان بن قزل ثم انتقلت إلى الأمير علم الدين سنجر الصيرفيّ الصالحيّ النجميّ ومازالت إلى أن خربت بعد سنة أربعين وسبعمائة فعمر مكانها الأمير ازدمر الكاشف إسطبلا بعد سنة خمسين وسبعمائة‏.‏